يعيرنيها إن كانت عنده فذكر أنها في جملة ما غاب عنه في كتبه فاستغربت واستبعدت ما حكاه من تطبب الصاحب ونسبته في نفسي إلى التزيد والتكثر إلى أن ظفرت في نسخة الرسائل المؤلفة المبوبة للصاحب برسالة قدرتها تلك التي ذكرها أبو جعفر ووجدتها تجمع إلى ملاحة البلاغة ورشاقة العبارة حسن التصرف في لطائف الطب وخصائصه وتدل على التبحر في علمه وقوة المعرفة بدقائقه وهذه نسختها وأكثر ظني أنه قد كتبها إلي أبو العباس الضبي قد عرفت ما شرحه مولاي من أمره وأنبأ عنه من أحوال جسمه فدلتي جملته على بقايا في البدن يحتاج معها إلى الصبر على التنقية والرفق بالتصفية فأما الذي يشكوه من ضعف معدته وقلة شهوته فلأمرين أحدهما أن الجسم كما قلت آنفا لم ينق فتنفتق الشهوة الصادقة وترجع العادة السابقة والآخر أن المعدة إذا دامت عليها المطفئات ولزت بها المبردات قلت الشهوة وضعف الهضم ومع ذلك فلا بد مما يطفي ويغذي ثم يمكن من بعد أن يتدارك ضعف المدة بما يقوى منها ويزيل العارض المكتسب عنها كما يقول الفاضل جالينوس قدم علاج الأهم ثم عد وأصلح ما أفسدت والأقراص في آخر الحميات خير ما نقيت به المعدة وأصلحت به العروق وقوي به الطحال ليتمكن من جذب العكر لا سيما والذي وجده مولاي ليس الذنب فيه للحميات التي وجدها والبلدة التي وردها فلو صادف الهواء المتغير جسدا نقيا من الفضول لما أثر هذا التأثير ولا طول هذا التطويل وإنما اغتر مولاي بأيام السلامة فكان ينبسط في أنواع الطعام ويسرف في تناول الشراب فامتلأ الجسم من تلك الكيموسات الرديئة وورد بلدا شديد التحليل مضطرب الأهوية فوجدت النفس عونا على حل ما انعقد ونقض ما اجتمع وسيتفضل الله بالسلامة فتطول صحبتها وتتصل مدتها لأن الجسد يخلص خلاص الإبريز إذا زال عنه الخبث وسبك ففارقه الدرن وأما الرعشة التي
(٢٣٨)