نتائج عدم الرفق بالنفس:
إن قصة البقرة في القرآن قصة طريفة تحكي سهولة التشريع الإلهي، وتشديد الانسان على نفسه فيما يضعه من قيود وضوابط لم يكن ملزم بها من قبل ربه، فبنو إسرائيل بعد أن ضيقوا على أنفسهم ضيق الله عليهم، أولم يطلب منهم إلا ذبح بقرة نكرة. غير معرفة بوصف معين كما هو منطوق الآية الشريفة ﴿وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة﴾ (١) فهو سبحانه لم يعرفها بالألف واللام ليسهل عليهم التكليف وليتحقق مراده بذبح أي بقرة أرادوا ذبحها، وتحل مشكلتهم تلك بمعرفة الجاني الذي قتل أحد مشايخهم الأثرياء بضربه ببعضها ليحيا ويشخص لهم القاتل وينتهي الخلاف المتأزم بينهم.
إلا أنهم مارسوا اللجاجة وماطلوا كثيرا في أداء التكليف، متهمين موسى عليه السلام بالهزو فيهم، إذ قالوا: ﴿أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين﴾ (٢)، لان الهزو يناسب الجهال وهو كليم الله ﴿ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي﴾ (٣) ظنا منهم أنها ذات خصوصية فريدة في أوصافها قال: ﴿إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر﴾ (٤) أي ليست مسنة ولا صغيرة وإنما هي (عوان بين ذلك) أي متوسطة ﴿فافعلوا ما تؤمرون﴾ (5) في ذبح هكذا بقرة ولا تماطلوا (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها) متكلفين