عسرا في أمر من الأمور العبادية، وتفصيل ذلك والوقوف عند كل آية لا يتسع لها هذا البحث.
فالله جل جلاله يرفق بهذا العبد ويلزمه بالتكاليف الممكنة والسهلة ويرضى منه باليسير إذا ما جاء وفق الضوابط الشرعية.
ويؤكد هذا ما جاء في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحارث الهمداني خادع نفسك في العبادة، وارفق بها ولا تقهرها، وخذ عفوها ونشاطها، إلا ما كان مكتوبا عليك من الفريضة، فإنه لابد من قضائها وتعاهدها عند محلها (1).
المخاطب بالتكاليف والوعظ والنصح هو الانسان، والانسان إنسان بعقله إذ لا يحاسب إلا على قدر ذلك العقل الذي آتاه الله.
ولهذا نجد أمير المؤمنين عليه السلام قد خاطب في كتابه الشريف العقل وحمله مسؤولية مخادعة النفس وعدم تفويت الفرصة على مخادعتها والمكر بها قبل أن تمكر هي به ، فخداع العقل ومكره يعني التخطيط السليم للهدف السليم، وخداع النفس ومكرها هو على العكس من ذلك، فمن أراد كبح جماح نفسه وتحرير إرادته وعقله من أسر هواها، فما عليه إلا أن يجعل المبادرة بيد عقله حتى يسجل في ميدان الصراع سبقا وغلبة على نفسه الامارة بالسوء.
ولما كانت النفس تميل إلى التحلل من التكاليف ومنها العبادة، فما على العقل إلا أن يمكر بها ويخدعها بخطة خفية يبرمج فيها أوقات هذه النفس على ما ليس فيه الملل من العبادة التي لابد من الالتزام بها لاسعاف وجودها العاقل حتى تنمو وتسمو وتتقدم في مدارج الكمال.