فخذوا منه ما تطيقون، فإن الله يحب ما دام من عمل صالح وإن كان يسيرا (1).
وهذا أمير المؤمنين عليه السلام يعنف أحد أصحابه حين كلف نفسه مالا يأمر به الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يظن أنه متعمق في العبادة!
ذلك أن أمير المؤمنين عليه السلام قد زار العلاء بن زياد الحارثي وهو من أصحابه...
، فقال له العلاء، يا أمير المؤمنين، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد. قال عليه السلام: وماله؟ قال: لبس العباءة وتخلى عن الدنيا. قال عليه السلام:
علي به. فلما جاء قال عليه السلام: يا عدي نفسه! لقد استهام بك الخبيث! أما رحمت أهلك وولدك! أترى الله أحل لك الطيبات، وهو يكره أن تأخذها! أنت أهون على الله من ذلك!
قال: يا أمير المؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك! قال عليه السلام : ويحك، إني لست كأنت، إن الله تعالى فرض على أئمة العدل (الحق) أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره (2).
التحذير من التعمق في الدين يخص الجهلة به والذين يغورون في بحره بجهلهم دون علم ودراية وتدبر، حتى يختنقوا بأوهامهم وتصوراتهم التي لا تقوم على أسس موضوعية، وعندها يخيل إليهم أن الدين شاق في تكاليفه، عسير في عباداته، والحال هو العكس تماما إلا أنهم أخذوا بالمستحبات مأخذ الواجبات، فشق عليهم الامر وخرجوا بالنتيجة المغلوطة. أو أنهم وسوسوا في الغسل والوضوء والطهارة والنجاسة وألفاظ الصلاة فملؤه. ولو أنهم أخذوا بما يطيقون لوجدوه سهلا يسيرا، ولو لم يوسوسوا فيه لما ملوه.