والرفق به، والمعونة له (1).
وهكذا يزين الرفق أخلاق المرء وحياته، بل أخلاق المجتمع كله، ليسهم مع أخوانه من مكارم الأخلاق في بناء انسان متكامل ومجتمع متين متجانس يسوده الائتلاف والوئام، وتتجذر فيه كل عناصر الصحة والقوة والصلاح.
15 - الرفق بالحيوان:
الرفق مع الاقتدار، مبدأ، وليس وسيلة لتحقيق غاية آنية أو مرحلية، من هنا فليس هناك حد زمني بين الرفق وضده، بل قد يكون هناك حد تفرضه طبيعة سلوك الطرف الآخر المقصود بالرفق، طبيعة سلوكه وليس ذاته.. فالتحول مع الطفل من الرفق الظاهر إلى التأديب اللازم أمر يفرضه سلوك الطفل لا ذات الطفولة التي كنا قبل صدور هذا السلوك نتعامل معها بالرفق كله.. وكذا فالذات الانسانية أيضا لا تحتكر الرفق لنفسها، بل تشاركها فيه كل ذوات الأرواح، وحتى النبات، وربما الجمادات الميتة أيضا، فلربما رأيت صبيا يعبث بالحصى بكل عنف، يهشم ويحطم، فأخذتك على هذه الحصى شفقة، أو أثار فيك المنظر اشمئزازا. وهذا شأن الخلق حين يكون متأصلا في الفطرة ، فكيف بك وأنت ترى معتوها يبطش ببهيمة ضعيفة لا تملك الدفاع عن نفسها ولا حيلة لها بالفرار من بين يديه، إلا أنها تصرخ وتجأر بكل ما تحسبه يرقق القلوب ويستدر العواطف عليها من صوت؟