بنبرات هادئة من نفس مطمئنة! وبالعكس تصنع الكلمة الأخرى، فينقلب السكون غضبا مجنونا، وينفلت الزمام..
المؤرخ الفيلسوف أبو علي مسكويه ينقل في (تجارب الأمم) بالتفصيل الحوار الخطير الذي أداره الامام أمير المؤمنين عليه السلام مع الزبير بن العوام قبل نشوب معركة الجمل، إذ دعاه فالتقيا بين الصفين فقال له: (يا زبير، أتذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بني غنم فنظر إلي وضحك وضحكت إليه، فقلت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه! فقال لك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
مه! إنه ليس كذلك، ولتقاتلنه وأنت له ظالم؟
قال الزبير: اللهم نعم، ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا، والله لا أقاتلك أبدا.
فانصرف علي عليه السلام وحكى ذلك لأصحابه، ورجع الزبير إلى عائشة فقال لها: ما كنت في موطن مذ عقلت إلا وأنا أعرف فيه أمري، غير موطني هذا!
قالت: ما تريد أن تصنع؟
قال: أريد أن أدعهم وأذهب.
قال له ابنه عبد الله: جمعت هذين الفارين حتى إذا جرد بعضهم لبعض أردت أن تتركهم وتذهب؟! أحسست رايات ابن أبي طالب وعلمت أنها بأيدي فتية أنجاد!!
فغضب الزبير حتى أرعد، ثم قال: ويحك، إني قد حلفت ألا أقاتله!
قال: كفر عن يمينك!!