وعلي وجعفر ابنا أبي طالب والعباس بن عبد المطلب، فذكروا المعروف، فقال علي: المعروف حصن من الحصون وكنز من الكنوز، فلا يزهدنك فيه كفر من كفره، فقد يشكرك عليه من لم ينتفع منه بشيء، وقد تدرك بشكر الشاكر ما أضاع الكفور الجاحد.
وقال جعفر: يا أهل المعروف إلى اصطناع ما ليس للطالبين إليهم فيه؛ لأنك إذا اصطنعت معروفا كان لك أجره وفخره وثناؤه ومجده، فما بالك تطلب شكر ما أتيت إلى نفسك من غيرك؟!
وقال العباس: المعروف أحصن الحصون وأعظم الكنوز، ولن يتم إلا بثلاث:
تعجيله، وستره، وتصغيره؛ لأنك إذا عجلت هنأته، وإذا صغرته عظمته، وإذا سترته أتممته.
وقال عمر بن الخطاب: لكل شيء أنف، وأنف المعروف سراحه.
فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: فيم أنتم؟ قالوا: كنا نذكر المعروف، فقال:
المعروف معروف كاسمه، وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة. (1) 187. رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لعلي (عليه السلام) -: يا علي، اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم؛ فإن اللعنة تنزل عليهم.
يا على، إن الله تعالى خلق المعروف وخلق له أهلا؛ فحببه إليهم وحبب إليهم فعالهم، ووجه إليهم طلابه كما وجه الماء في الأرض الجريبة (2) لتحيا به ويحيا بها أهلها.