انبثاق البركات المعنوية من صلب البركات المادية من النقاط الاخرى التي تتسم بأهمية فائقة أن الرؤية الإسلامية لا تكتفي بما للقيم المعنوية من تأثير في البركات المادية وما لها من أثر تتركه في التنمية الاقتصادية المستديمة وحسب، بل ترى أن عكس هذه القضية صادق أيضا؛ بمعنى أن البركات المادية حين تتفتح في نطاق التعاليم الإسلامية تقود إلى تقوية القيم المعنوية وازدهارها.
على أن المنهاج الذي وضعه الإسلام لتكامل الإنسان والمجتمع الإنساني ليس فيه انفصال أساسا بين التكامل المعنوي والتنمية المادية. من هذا المنطلق، أخذت البركات المادية موقعها إلى جوار البركات المعنوية في الفصل الثالث من هذا القسم؛ وإنما تتفجر البركات المادية من صلب البركات المعنوية، وتنبثق البركات المعنوية من صميم البركات المادية، وهكذا.
إن القرآن الكريم يؤكد من جهة بأنه لو شاع الإيمان في أكناف المجتمع وعمت التقوى أركانه، لفاضت على الناس البركات الإلهية وتوالت عليهم من السماء والأرض، ولأخذت هم من بين أيديهم وأحاطت هم من كل جانب؛ بحيث يشهد المجتمع الإنساني من اطراد البركات المادية ومن النمو والازدهار الاقتصادي ما يفوق تصوره.
على هذا جاءت النصوص الإسلامية تسجل صراحة بأن لممارسات مثل الصلاة والحج والدعاء دورها الذي تنهض به في البركات المادية والازدهار الاقتصادي.
من جهة أخرى، ينظر الإسلام إلى العمل - الذي يعد واحدا من أهم مبادئ التنمية الاقتصادية والبركات المادية - من أجل تأمين متطلبات الحياة الكريمة على أنه من أفضل العبادات والقيم المعنوية؛ حتى جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله:
" العبادة سبعون جزءا؛ أفضلها طلب الحلال ". (1)