عن الرعي وتربية الحيوانات، والزراعة، والتجارة، والعمل باعتبارها رصيدا للبركة، وعناصر في تحقق الخير ونموه وازدهاره. والمعنى الذي يبرز من ثنايا هذا التجاور والجمع بين المعنوي والمادي في إطار مركب واحد؛ أن الإيمان بتأثير المعنويات في الخير والبركة والازدهار المادي لا يعني في الرؤية الكونية الإسلامية نفي الأسباب والعلل المادية أو التقليل من أهميتها في تحقيق التنمية، بل يعني أن الإسلام يؤمن - بالإضافة إلى الأسباب والشروط والعناصر المادية المعروفة في التنمية - بعوامل أخرى غير مرئية يعتقد أن لها أثرها في هذا المسار. فالإسلام يؤمن بأن للمعتقدات الدينية الصحيحة والأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة دورها أيضا في تحقيق الازدهار والنمو الاقتصادي للمجتمع.
فالقرآن الكريم يسجل صراحة:
(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركت من السماء والأرض). (1) كما يسجل في آية أخرى أيضا:
(فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنت ويجعل لكم أنهرا). (2) علاوة على مر، فإن عملية الازدهار والتنمية المستديمة للمجتمع الإنساني تقترن بدورها بالقيم الاعتقادية والأخلاقية والعملية، ومن دون هذا الاقتران لن تدوم البركات المادية أيضا. (3)