كله اقتضت حكمته البالغة أن يعدل عن كتابته، ليس خوفا من أن تكون الخلافة وراثة فتنقلب ملكا عضوضا كما زعم حضرة الدكتور البوطي.
وقال أيضا حضرته: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلن هذا الكلام ولم ينفذه..!!
أقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد أن يكتب وقوله في الحديث: (لن تضلوا بعدي) دليل على وجوب الأخذ بهذا الكتاب الذي سيكتبه لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لكن القوم أعرضوا، ونسبوا إليه المرض والهذيان والوجع فأعرض عن ذلك. والسبب الرئيس لإعراض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
فيذهب الدين من أصله، لا سيما وهو المعارض ويعلم كل العلم أن عليا (عليه السلام) وأشياعه خاضعون لمدلول ذلك الكتاب وأنه يستهدف به أجر الخلافة، وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يريد أن يجعلها في علي والأئمة الأحد عشر من أبنانه الطاهرين بنص ذلك الكتاب، تأكيدا لنصه عليهم يوم الغدير، وفي حديث الثقلين، والنجوم، والسفينة وغيرها من الأدلة المتقدم ذكرها سواء عندهم أكتبه أم لم يكتبه.
وإن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا الأمر:
" دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه " ورأيت ما قالوا به من ذلك القول الخشن بلا تدبر ولا روية.
هذا وهو لا يزال (صلى الله عليه وآله وسلم) حيا بين ظهرانيهم، فكيف يكون حالهم من الاختلاف والتنازع بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)..؟
لذا رأى (صلى الله عليه وآله وسلم) أن من حسن تدبيره (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم ورعايته لشؤونهم أن يضرب الصفح عن ذلك الكتاب، خوفا من وقوع الفتنة، وحفظا لكيان الدين، وصيانة لدماء المسلمين، واحتياطا على نصوصه في خلافة علي وبنيه (عليه السلام) من بعده، لئلا تصبح غرضا لنبال الشك، وهدفا لسهام الطعن والتشكيك من المعارضين.
* وإن قلت لي حضرة الدكتور البوطي كما قال غيركم: إنه أراد بالكتاب أن يكتب الخلافة لأبي بكر كما زعمت في قولك: ويعهد بأمر الإمامة إليه لما نسي أو تناسى الراوي الوصية الثالثة، ولا منعه القوم من