وأما قول عمر بن الخطاب: أن قريشا لا تجتمع على علي، فقد يكون صحيحا، لماذا؟ لكن ما الضرر في ذلك؟ إن قريشا لم تجتمع على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه، بل اجتمعت ضده وحاربته إحدى وعشرين سنة، ولم تدخل في الإسلام إلا بعد أن هزمها، فهل كان من اللازم إلغاء النبوة، لأن قريشا كانت تقف ضدها؟ وإذا كان هذا هو أمر قريش من النبي نفسه، فكيف يسوغ أن تعتبر موافقتها على أمر كلامه على صلاحه ومعارضتها دليلا على خطأه؟ إن من العجب أن قريشا التي حاربت النبوة والإسلام منذ ولادته، واستمرت في حربها لهما حتى أثخنتها الجراح أصبحت هي التي تقرر مصير الأمة الإسلامية، وأصبح تأييدها يرجح كفة أي مرشح للقيادة حتى ولو كان ضد من أراد الوحي وضد من أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم وقوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " (1).