ابن زمعة (يأبى الله ذلك والمسلمون) لأن الله تعالى لا يأبى إلا ما كان تركه واجبا أو فعله حراما، وأيا كان فذلك كله واضح البطلان.
الثالث: ما قدمناه من إسراع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالخروج وهو في تلك الحال من المرض الشديد وصلاته من جلوس صلاة المضطر، فإن في ذلك دلائل واضحة على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد بخروجه أن يرفع ما أذاعوه بين الناس، من أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الآمر لأبي بكر (رض) بالصلاة فيهم لا سيما إذا لاحظتم خطبته في رواية الطبري المتقدمة من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " سعرت النار وأقبلت الفتن " الدال صريحا على أن تلك الصلاة لم تكن من أمره، وإنما كانت فتنة اتخذها أصحاب الخليفة أبي بكر (رض) ذريعة لإثبات ما يبتغون، لذا ترون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعتد بها وصلى مبتدئا كما في رواية الطبري (1) مدلا للناس على عدم اعتداده بتلك الصلاة، الأمر الذي يدلنا بصراحة على أنه لم يكن من أمره (صلى الله عليه وآله وسلم) الرابع: إن الثابت في التاريخ الصحيح وصحيح الأحاديث عند أهل السنة إن الخليفة أبا بكر (رض) كان وقتئذ في جيش أسامة بن زيد وتحت إمرته، وقد لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من تخلف عنه كما سجله محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتاب (الملل والنحل)، فكيف يصح هذا مع دعواكم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمره بالصلاة في الناس، وإلا لزمكم أن تقولوا بتخلفه (رض) عن جيش أسامة، وذلك مع كونه مانعا من أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له بالصلاة فيهم لا يمكنكم أن تذهبوا إليه كما تعلمون.
الخامس: لو كانت تلك الصلاة بأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما كان يناسب خطاب أمهات المؤمنين (رض) بذلك الخطاب القارص ويقول لهن " إنكن لأنتن صويحبات يوسف " ولا يجوز لمسلم أن يظن برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا بما هو أهله، فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعظم خلقا وأعلى قدرا، وأجل شأنا عما يتحدث به عنه المفترون.
ومن كل هذا ونحوه تعلمون عدم إمكان صدور مثل هذا الحديث عن