النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن كان مسجلا في صحاحكم لما قدمناه لكم من هذه الوجوه.
فأقول لحضرة الدكتور:
لو فرضنا جدلا صحة حديث عائشة أم المؤمنين (رض)، وغضضنا النظر عن تلك الوجوه المتقدمة.
ومع ذلك فإن الأمر بالصلاة خلفه لا يوجب للخليفة أبي بكر (رض) الإمامة العامة على المسلمين لعدة أمور منها:
أولا: فلما اتفق عليه أئمة السنة والحفاظ عندكم من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى خلف عبد الرحمن بن عوف على ما حكاه ابن كثير (1) في كتابه، وهذا شئ لا تختلفون فيه، فلم يوجب ذلك فضلا لعبد الرحمن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا يقتضي أن يكون إماما واجب الطاعة عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى غيره من أصحابه، فكما أن صلاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خلف ابن عوف لم توجب له الإمامة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا على غيره من الناس، فكذلك لم توجب صلاة أبي بكر (رض) بالمسلمين إمامته عليهم.
ثانيا: لا خلاف بين الفريقين في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد استعمل عمرو بن العاص على الخليفتين أبي بكر وعمر (رض) وجماعة المهاجرين والأنصار، وكان يؤمهم في الصلاة مدة إمارته عليهم في واقعة ذات السلاسل على ما حكاه ابن كثير (2) أيضا، فلم توجب صلاته فيهم (3) وإمامته عليهم، ولا فضلا عليهم، لا في الظاهر، ولا عند الله تعالى على حال من الأحوال، فكذلك الحال في صلاة أبي بكر (رض) فيهم، لا توجب إمامته (رض) عليهم، ولا فضلا عليهم.