الخبر لا يقتضي علما ولا عملا فلا ينهض لمعارضة ما ثبت تواتره عند المسلمين أجمعين لأن حديث " وعترتي أهل بيتي " مروي عن نيف وعشرين صحابيا في قول الهيثمي، وعن نيف وثلاثين صحابيا في قول الترمذي كما قدمنا فالمتعين طرح هذا الحديث لأنه موضوع لا أصل له.
ثانيا: لو سلمنا التعارض بينهما فإن الترجيح في جانب حديث " وعترتي أهل بيتي " كما هو شأن المتعارضين في علم الحديث وتقديم المتواتر منه على غيره.
وكما أنتم مجمعون بتقديم البخاري ومسلم على أهم الصحاح بعد القرآن فنجد أن مسلم يذكر حديث وعترتي أهل بيتي فاعتقد أن صحيح مسلم لم يترك لنا مجالا للمناقشة والاستدلال أكثر من ذلك.
وكما تناول المناقشة أحد أعلام الشيعة مع أحد علماء السنة في خصوص هذا الحديث في كتابه المناظرات العقائدية، للعلامة القزويني (1) رحمه الله.
فقال: " إن السنة هي الأخرى كالقرآن تحتاج إلى من يقوم بحفظها كاملا غير منقوص وذلك لا يمكن إلا إذا كان معصوما، فالسنة إذن لا تغني الأمة من الوقوع في الضلال ما لم يكن لها حافظ وقيم. فعترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هم القوامون عليها، والحافظون لها من الزيادة والنقيصة، والمبينون للأمة ناسخها ومنسوخها ومحكمها من متشابهها لا سواهم لأنهم معصومون بحكم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما تقدم من حديثه، وغيرهم لم يكن معصوما بالإجماع.
ومما أفاده ابن حجر الهيثمي في (صواعقه) فإنه قال: " وفي رواية كتاب الله وسنتي " وهي المراد من الأحاديث المقتصرة على الكتاب، لأن السنة مبنية له فأغنى ذكره والحاصل أن الحث وقع على التمسك بالكتاب والسنة بالعلماء من أهل البيت (عليهم السلام) ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الأمور الثلاثة إلى قيام الساعة. انتهى قوله (2).