عباس أنه قال: " يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء، قال: اشتد برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعه يوم الخميس. فقال ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: هجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! قال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوافد ما كنت أجيزه، ونسيت الثالثة ".
أوليس قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا الحديث: " دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه " أنهم دعوه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ما يريدون من الشر، وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يريد لهم الخير بكتابة ذلك الكتاب الذي وصفه بأنه كتاب هدى " لن تضلوا بعده أبدا " ولو كتبه لهم بعدما قالوا:
لقالوا بعد ذلك كتبه وهو يهجر، فلن يقبلوه كتبه (صلى الله عليه وآله وسلم) أم لم يكتبه؟
وهنا سؤال يطرح نفسه.
ألم يكن قول الراوي ونسيت الثالثة دليلا صريحا على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد أن يجدد العهد بالخلافة لعلي (عليه السلام) بعده بالكتابة تأكيدا لنصوصه القولية كما تقدم، ولكن السياسة يومئذ قهرت الراوي على أن يقول: " ونسيت الثالثة " إذ لا يضر القوم سوى كتابة الخلافة لعلي (عليه السلام) بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) دون سواها؟
ثم السؤال الثاني:
ألم يقل الخليفة عمر بن الخطاب للصحابة في مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله " على ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (1):
عن ابن عباس قال: " لما حضر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فقال عمر: " إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد غلب عيه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو واللغط والاختلاف عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " قوموا! " قال عبد الله،