(عليه السلام): يا بلال قد بلغت فمن شاء فليصل، ومن شاء فليدع. قال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فمن يصلي بالناس؟ قال مروا أبا بكر فليصل بالناس فلما تقدم أبو بكر رفعت الستور عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنظرنا إليه كأنه ورقة بيضاء عليها قميصه السوداء، فظن أبو بكر أنه يريد الخروج فتأخر فأشار إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن صل مكانك، فما رأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى مات من يومه ".
عن عائشة أم المؤمنين (رض) قالت: ما مر علي ليلة مثل ليلة مات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: يا عائشة هل طلع الفجر، فأقول لا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أذن بلال بالصبح، ثم جاء بلال فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمك الله! فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من هذا؟ فقلت:
بلال. فقال: مري أبا بكر أن يصلي بالناس (الحديث).
فنستنتج مما أوردناه لكم أن الصلاة التي تقدم فيها أبو بكر (رض) هي التي نهاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنها، وهي صلاة الصبح، وكانت صبح يوم الاثنين في اليوم الذي التحق فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرفيق الأعلى.
وأما كون ذلك كان بأمر من عائشة أم المؤمنين دون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسوف أثبته لك حضرة الدكتور بعدة أمور:
الأول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعين أحدا للصلاة فيهم كما يدل عليه قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث (كنز العمال) المتقدم ذكره (فمن شاء أن يصلي، ومن شاء فليدع " فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يريد التخيير في أمر الجماعة، لا التخيير في أصل الصلاة لوضوح بطلانه فحينئذ يكون ما في ذيل الحديث من قوله " مروا أبا بكر فليصل بالناس " من الزيادات التي قضت بها السياسة في ذلك الحين، وإلا لم يكن لهذا التخيير في منطوق الحديث معنى يفهم وإن فات ذلك على واضعي تلك الزيادة، ولم يهتدوا إلى منافاتها لصدر الحديث.
الثاني: ما أخرجه ابن عبد البر في (استيعابه) في ترجمة الخليفة أبي بكر (رض) عن عبد الله بن زمعة قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مروا من يصلي بالناس ". وأما تذييل ابن زمعة للحديث بأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر عمر بن الخطاب بالصلاة فلما كبر سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صوته قال: فأين أبو بكر يأبى ذلك الله