فكان ابن عباس يقول: " الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ". وهل يتسنى لك سماحة الدكتور بعد هذا كله أن نقول بعدالة جميع الصحابة وأن أعمالهم كلها مجيدة؟ أليس قول الخليفة عمر (رض): " إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد غلبه الوجع " يعني أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يتكلم بكلام المرضى الذي هو عبارة أخرى عن كلمة (هجر) التي تعني الهذيان والهذر.
بدليل قوله (رض) لأصحابه والموافقين له على قوله (رض)، " وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله " دون أن ينظر إلى قوله تعالى في وصف نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لا ينطق عن الهوى في سائر أوقاته بمختلف حالاته سواء أكان في حال صحته أو حال مرضه (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
وإن قلت لي سماحة الدكتور كما قال غيرك تصحيحا لقول الخليفة عمر (رض): إن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده، لم يكن على وجه العزيمة والوجوب، وإلا لما حال بينه وبين كتابته حائل مطلقا.
فأقول للدكتور وأرد عليه بالنقض.
أولا: بأن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما قلت مروا أبا بكر فليصل بالناس، لم يكن على وجه العزيمة والوجوب، وحينئذ فلا يدل على الإمامة ووجوب الطاعة مطلقا.
ثانيا: إن الأمر ظاهر في الوجوب باتفاق المحققين من علماء أصول الفقه بين الفريقين فلا يجوز العدول عنه إلى غيره.
ثالثا: إن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لن تضلوا بعده " لا يناسب غير الوجوب، إذ الإضلال في ترك غير الواجب، وفعل الحرام إجماعا وقولا واحدا.
فلذلك أقول للدكتور: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر أبا بكر بالصلاة في الناس في مرضه، وقد هجر فيه، على حد قول جمهور الصحابة، وكان مغلوبا للوجع على حد قول الخليفة عمر (رض) وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله تعالى " وأنتم تعلمون كما نعلم، ويعلم كل المسلمين أن كتاب الله تعالى