نفوذ قوي وتقوى شوكته ضدهم فحاولوا بأساليبهم تجريد الإمام من القوى المادية والمعنوية. فلجأوا إلى هذين الأسلوبين المدبرين والمخطط لهما تخطيطا دقيقا.
أولا: غصبهم لعلي الخلافة.
وثانيا: تجريده من الإمكانيات الاقتصادية التي لها الدور الكبير في تقوية نفوذه وهذا ما كان يخيفهم من أن عليا تقوى شوكته ويطالبهم بحقه.
وأما بالنسبة لسكوت علي (عليه السلام) لم يكن مقتنعا بكلام الخليفة أبي بكر وأما ترك علي (عليه السلام) جهاد المتقدمين عليه بالسيف والسنان فحسبك في جوابه قوله (عليه السلام) فيما تضافر عنه ونقله ابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح النهج) وغيره من مؤرخيكم حيث يقول (عليه السلام) " لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله تعالى على أولياء الأمر أن لا يقروا على كظة ظالم، أو سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ".
وأنت ترى قوله (عليه السلام) هذا صريح في أنه (عليه السلام) لم يكن ساكتا لوجود الناصر، وأنت تعلم حضرة الدكتور تمام العلم ما طرحته في بعض مسائلك حول هذه المسألة.
فأقول لك لماذا جاهد علي الناكثين والقاسطين والمارقين لوجود الأنصار ولأن في جهاده المتقدمين عليه ذهاب الدين بأصوله وفروعه وأدلته وأحكامه كما لا يخفى عليك وعلى من له أدنى فطنة بخلاف الطوائف الثلاث ولقد قال (عليه السلام) في جواب من قال:
لم لم ينازع علي (عليه السلام) الخلفاء الثلاثة كما نازع طلحة والزبير ومعاوية وأذكر أنكم في أحد محاضراتكم طرحتم نفس المسألة.
فإليك جوابها من أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: " إن لي بسبعة من الأنبياء أسوة " وكفى بها جوابا عن سكوته لمن أنصف وتدبر.
وأما قوله (عليه السلام) ما روي له شعر بهذا المعنى:
فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم * فكيف بهذا والمشيرون غيب