يخدش عقدهم، أو يدخل التشويش والاضطراب على عامتهم.
فأقول: أين كان الإمام عن السقيفة وعن بيعة الصديق ومبايعيه ليحتج عليهم؟ وأنى يتسنى الاحتجاج له أو لغيره بعد عقد البيعة وقد أخذ أولو الأمر والنهي بالحزم وأعلن أولو الحول والطول تلك الشدة.
وهل يتسنى في عصرنا الحاضر لأحد أن يقابل أهل السلطة والدولة، بما يرفع سلطتهم ويلغي دولتهم؟ وهل يتركونه وشأنه لو أراد ذلك؟ هيهات هيهات، فقس الماضي على الحاضر، فالناس ناس والزمان زمان.
وإن عليا (عليه السلام) لم ير الاحتجاج عليهم يومئذ أثرا إلا الفتنة التي كان يؤثر ضياع حقه على حصولها في تلك الظروف إذ كان يخشى منها على بيضة الإسلام وكلمة التوحيد كما أوضحناه سابقا حيث قلنا: إنه مني في تلك الأيام بما لم يمن به أحد إذ مثل على جناحيه خطبان فادحان، الخلافة بنصوصها ووصاياها إلى جانب تستصرخه وتستفزه بشكوى تدمي الفؤاد وحنين يفتت الأكباد والفتن الطاغية إلى جانب آخر تنذره بانتقاص شبه الجزيرة وانقلاب العرب واجتياح الإسلام وتهدده بالمنافقين من أهل المدينة وقد مردوا على النفاق وبمن حولهم من الأعراب وهم منافقون بنص الكتاب بل هم أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله وقد قويت شوكتهم بفقده (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصبح المسلمون بعده كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية بين ذئاب عادية ووحوش ضارية، ومسيلمة الكذاب، وطليحة ابن خويلد الأفاك وسجاح بنت الحرث الدجالة، وأصحابهم الرعاع الهمج قائمون في سحق الإسلام وسحق المسلمين - على ساق والرومان والأكاسرة والقياصرة وغيرهم كانوا للمسلمين بالمرصاد، لكن الإمام أراد الاحتفاظ بحقه في الخلافة وأقول لحضرة الدكتور أول موقف اتخذه الإمام (عليه السلام) عن بيعة السقيفة هو تخلفه عن تلك البيعة.
ونحن نعلم والكل عالم بذلك بأن تخلف علي (عليه السلام) عن بيعة السقيفة فهذا دليل واضح على عدم الرضى منهم مستدلين بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): علي مع الحق والحق مع علي.
وإن تخلف علي (عليه السلام) عن بيعة السقيفة واتخاذه الموقف المستقل