على ما أخرجه البخاري في صحيحه (1)، وقد أطاعهم على محو اسمه من الرسالة، وهو قادر على قتالهم، فإذا صح لديكم هذا وقلتم بسقوط حق النبوة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صح لكم ذاك وهذا معلوم البطلان وذاك مثله باطل نعم إنما قبل (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك ورضي به (صلى الله عليه وآله وسلم) لحكم غايات دقيقة، وغايات جليلة غابت عن ذهن الكثيرين ولم يهتدوا لها.
فمنها: كراهته (صلى الله عليه وآله وسلم) للقتل والقتال، وحرصه على صون الدماء ما استطاع إليه سبيلا، وليس في محوه لاسمه الشريف من الرسالة ما يوجب الوهن فيها لثبوتها بآياتها البينات ومعجزاتها النيرات. ويريد الوقيعة فيه، فهل تجدون حينئذ فسادا أعظم من أن يخرج عن الإسلام من دخل فيه بفعل المنافقين وتلبيسهم الأمر على البله المغفلين؟!!
ومنها: إن ترك قتالهم يومئذ كان سببا لأن يكثر فيهم التشيع وفي التابعين إلى يومنا هذا (2) ترونه يقول: (ولقد كثر التشيع في التابعين وتابعيهم مع الدين، والورع، والصدق، فلو رد حديث هؤلاء لذهبت جملة من الآثار النبوية وهذه مفسدة بينة) (3).
ومنها: ذهاب السنن الدالة على إمامته (عليه السلام) إن هو قاتلهم وقتلهم فيبقى الحق ملتبسا لا يعرف أين هو، ولذلك ترونه قد رضي (عليه السلام) بالهدنة عندما رفع أهل الشام المصاحف في صفين فانخدع بذلك جم غفير من أهل العراق فكان (عليه السلام) بإمكانه أن يقلب الصف على الصف لكنه (عليه السلام) آثر ذلك لأنه أهون الضررين لعلمه (عليه السلام) برجوع الكثير منهم إلى الحق بعد خروجهم عليه فمثل هذه النتائج القيامة والغايات الحسنة أوجب الترك وأوجب مهادنتهم.
فأقول لحضرة الدكتور:
أولا: إن ترك علي (عليه السلام) منازعة أبي بكر (رض) بالحرب والقتال لا يكون مخلا بعصمته ولا بأشجعيته ولا يدل على صحة خلافته (رض) بإحدى الدلالات المنطقية لماذا..؟