المحرمة في الكتاب والسنة، لا تخلو من قابليتها لأن تعلل بأنها الظلم بالنفس أو الغير، بالفرد، أو المجتمع، وقد تعلل به من جهات متعددة، وتكون النسبة عموما مطلقا لا من وجه، وليس في المحرمات الشرعية ما هو خارج عن عنوانه، وتكون الجهة التعليلية عرفا ذلك وإن كانت الملاكات الأخر أيضا في البين، فحينئذ إما لا بد من حمل تلك النواهي على الارشاد إلى مصاديق الظلم، لأن مصاديقها مما تخفى على عقولنا، ولا يصل إلى إدراكها مدارك أبناء البشر، أو حمل نواهي الظلم على الارشاد، أو حمل المادة فيها على غصب المناصب الحقة وأمثالها. المعروف بينهم هو الثاني وربما كانوا معتقدين بالثاني من الحمل الثاني. والله العالم.
والذي يناسب الحكم والموضوع وتقتضيه الصناعة هو الأول، ضرورة أن الجهة التعليلية إذا كانت محرمة، فالعناوين العرضية تكون حرمتها لأجل تلك الجهة الذاتية، المجتمع عليها الشرع والعقل، فإن شرب الخمر بما هو شرب الخمر ليس عند العقل ممنوعا، إلا أنه بما هو إخلال بالنظام الاجتماعي، وإضرار بالفرد في النشأة الظاهرة بالوجدان، وفي النشأة الآخرة باكتشاف الشريعة، وظلم للنفس روحا وبدنا، مثلا يكون ممنوعا فيما أنه ظلم ممنوع عقلا، والشرع لذلك نهى عنه، وليس يلزم من ذلك جواز شرب الخمر أحيانا، لأن إضراره بالنفس في النشأة الآخرة، من آثاره على الاطلاق بكشف الشرع وبمنعه، إلا أنه ليس