الخلافة، مستعينة بالمبادئ العامة الواردة في القرآن والسنة كمبدأ الشورى، ومبدأ حرية الاختيار، ومبدأ القوي الأمين.. إلخ، بالإضافة إلى مبادئ اخترعتها بنفسها لجلب المصالح، كتقديم المفضول على الأفضل! ولم يقل أحد بأن الأمة كلها قد قامت بذلك إنما قامت به جماعة، ورضيت أكثرية الأمة، بما فعلت تلك الجماعة.
ولم يشذ عن هذا الإجماع إلا أهل بيت النبوة وحفنة من الناس تشيعت لهم! حيث تمسكوا بوجود النصوص الشرعية التي بينت من هم الأئمة، وبينت أسلوب تنصيبهم، وطريقة انتقال منصب الإمامة من إمام إلى إمام، وقدرت الفئة المتغلبة أن معارضة أهل بيت النبوة ومن تشيع لهم لا تخدش إجماع الأمة، واعتبرت أهل بيت النبوة وشيعتهم خارجة من الجماعة الإسلامية وشذاذا " ومبتدعة على حد تعبير ابن خلدون في مقدمته الشهيرة; حيث قال بالحرف (وشذ أهل بيت النبوة بمذاهب (ابتدعوها) وفقه تفردوا به... وهي كلها أصول واهية) وتابع ابن خلدون قوله:
(وشذ بمثل ذلك الخوارج) (1).
نقطتا الخلاف والاختلاف 1 - النقطة الرئيسية الأولى: شيعة أهل بيت النبوة يؤمنون إيمانا " مطلقا " بأن الله تعالى قد اختار عليا " بن أبي طالب ليكون أول إمام وولي وقائد للأمة من بعد النبي، وأنه تعالى قد اختار من ذرية النبي وأولاد علي أحد عشر إماما " ليقودوا الأمة بالتتابع والتعاقب يعين كل واحد منهم بنص ممن سبقه، وقد أمر الله رسوله أن يعلن هذا الاختيار ويبينه للناس، فصدع رسول الله بما أمر فأعلن ذلك مرارا " وتكرارا "، وسمى رسول الله الأئمة بأسمائهم، وكان تسعة منهم لم يولدوا بعد، وأعلن أن كل واحد من الأئمة الاثني عشر في زمانه هو الأولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأن ولاية هذا الإمام كولاية الرسول، وولاية الرسول كولاية الله، وطاعة هذا الإمام كطاعة الرسول وطاعة الرسول كطاعة الله، ومعصية هذا الإمام كمعصية الرسول ومعصية الرسول هي معصية الله، وأن الأمة لن تهتدي إطلاقا " إلا إذا تمسكت بالثقلين، فالقرآن ثقل وأهل البيت وعلى رأسهم إمام الزمان الثقل الآخر، ويستحيل على