مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٧٥
بين النص والاجتهادات الشخصية ولتضفي شيع البطون الشرعية الدينية على اجتهاداتها وقناعاتها رفعت شعار (حسبنا كتاب الله) أي أن كتاب الله يغني عن حديث النبي، ويغني عن وصيته، ويغني عن النبي نفسه عند الاقتضاء. فطالما أن كتاب الله موجود فهو يكفي، ولا حاجة لسواه. وقد رفعت شيع البطون هذا الشعار في مواجهة النبي نفسه، فعندما أراد الرسول في أثناء مرضه أن يكتب توجيهاته النهائية للأمة، قال قائل البطون:
(إن النبي يهجر، حسبنا كتاب الله) (1). وما أن أتم قائل شيع البطون قوله حتى قال من حضر من الشيع: (القول ما قال فلان، إن النبي يهجر حسبنا كتاب الله) (2).
وهكذا صدمت شيع البطون خاطر النبي الشريف فصرف النظر عن كتابة توجيهاته النهائية، لأن الكتابة في ذلك الجو صارت بمثابة باب من أبواب الفتنة.
ولما تسلم أبو بكر الخلافة جمع الناس وخطبهم قائلا ": (إنكم تحدثون أحاديثا " تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافا "، فلا تحدثوا عن الرسول الله شيئا "، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله) (3)، وليسد أبو بكر باب الاختلاف الذي ينتج عن أحاديث رسول الله نهائيا "، وليضمن وحدة الأمة خلف قرآنها بات يتقلب ليلة كما تروي ابنته السيدة عائشة. وعندما أصبح الصباح، قام أبو بكر بحرق الأحاديث التي سمعها شخصيا " من رسول الله، وقام بكتابتها بنفسه.
وهكذا ينقطع دابر الخلاف والاختلاف ويصبح كتاب الله وحده هو الحاكم والحكم!
وعند ما آلت الخلافة إلى عمر بن الخطاب كان أول مشاريعه أن طلب من الناس وناشدهم ليأتوه بأحاديث الرسول التي كتبوها، وظن الناس أن عمر يريد أن

(١) راجع: تذكرة الخواص لابن الجوزي ص ٦٢، وسر العالمين وكشف ما في الدارين لأبي حامد الغزالي ص ٢١.
(٢) راجع صحيح البخاري ١ / ٣٧ و ٢ / ١٣٢، و ٤ / ٣١ و ٧ / ٩، وصحيح مسلم ٢ / ١٦ و ٥ / ٧٥، وصحيح مسلم بشرح النووي ١١ / ٩٤ - ٩٥، وتاريخ الطبري ٢ / 192، والكامل لابن الأثير 2 / 320، ومسند الإمام أحمد 1 / 2 و 3 / 286.
(3) راجع تذكرة الحفاظ للذهبي 1 / 2 - 3.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257