وأحرقوا المكتوب منها وصولا " لغايتهم! وحجموا الإمام عليا " وأهل بيت النبوة، وعزلوهم عزلا " اجتماعيا " كاملا "، ثم جردوهم من كافة ممتلكاتهم وجعلوهم عالة على الخليفة المتغلب الذي تهد لأسباب إنسانية بتقديم المأكل والمشرب لهم.
ثم حرموهم من جميع حقوقهم السياسية، وأصبح علي وأهل بيت النبوة في موقع لا قدرة لهم فيه على المعارضة، ومن باب أولى ألا تكون هنا لك قدرة لأوليائهم وشيعتهم على المعارضة، ومن الطبيعي أن تنظر دولة أولئك الخلفاء نظرة الريبة والحذر إلى علي وأهل بيت النبوة وأوليائهم، وأن تضيق عليهم لأسباب أمنية، فتصبح مدارة الخلفاء وأوليائهم ضرورة لا بد منها.
فلو أن أحدا " من أولياء علي قد قال لأبي بكر أو لعمر أو لعثمان: إنك غاصب للخلافة مثلا "، أو أن الإمام علي أولى منك أو أنني لا أحبك لأنك أخذت حق أهل بيت النبوة فأهون ما يفعله هذا الخليفة أو ذاك هو أن يتخذ من هذا القائل موقفا "، ومن المؤكد أنه لن يوليه، ولن يتخذه عضدا " له، وسيحذر أولياءه منه. وإذا قدر هذا الخليفة، أو ذاك، أن هذا القائل قد يشكل خطرا " على دولته فقد يأمر بقتله كما فعلوا بسعد بن عبادة، وقد يجرده من حقوقه السياسية أو المالية كما فعلوا بعلي وأهل بيت النبوة، فمواجهة أي خليفة من الخلفاء الثلاثة، قد تؤدي حتما " إلى الأضرار البالغة، فلا يوجد بيت من بيوت المسلمين الخاصة له حرمة وقداسة كالبيت الذي يسكنه علي بن أبي طالب وزوجته فاطمة بنت رسول الله وسبطا الرسول الحسن والحسين، ومع هذا عندما شعر الخليفة الأول ومعاونوه، وبينهم من صار الخليفة الثاني أن سكان هذا البيت لا يوالونهم، شرعوا بإحراقه على من فيه، بمعنى أن عدم مصانعة الخلفاء ومجاملتهم فضلا " عن أنها غير منتجة فهي مضرة ضررا " بالغا "، لذلك أبيحت التقية لدفع هذا الضرر.
لما تمكن معاوية من هزيمة الشرعية ومن هزيمة الأمة كلها، وقبض على السلطة بكلتا يديه، أصدر سلسلة من المراسيم لجميع ولاته على جميع أقاليم مملكته أمرهم فيها بأن يمحو من ديوان العطاء من قامت عليه البينة أنه يحب عليا " وأهل بيت النبوة، وأن يسقطوا عطاءه ورزقه وأمر أيضا ": (ومن اتهمتموه بموالاة