دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ١٨٩
به تحصيل غرض أو دفع مكروه على ظن أن النذر يرد عن القدر شيئا وليس مطلق النذر منهيا إذ لو كان كذلك لما لزم الوفاء به وقد أجمعوا على لزومه إذا لم يكن المنذور معصية (1)..
ويبدو من كلام الفقهاء أنه محاولة لإزالة التناقض بين الروايات وتقييد النهي الوارد فيها. إلا أن قولهم في النهاية قاد إلى الإباحة وهو ما يؤدي إلى ضرب رواية النهي المطلق وانعدام قيمتها وأهميتها..
ومثل هذا مسألة السفر بالقرآن إلى بلاد الكفار..
يروى أن رسول الله (ص) نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو (2)..
يقول الفقهاء: العلة في المنع هو خشية إصابة الكفار له ونيلهم إياه. وقال النووي: فإن أمنت هذه العلة بأن يدخل في جيش المسلمين الظاهرين - المنتصرين على العدو فلا كراهة ولا منع منه حينئذ لعدم العلة هذا هو الصحيح وبه قال أبو حنيفة والبخاري وآخرون وقال مالك وجماعة من أصحابنا بالنهي مطلقا (3)..
ومثل هذه الرواية وكلام الفقهاء فيها لا يستقيم مع العصر. فهي رواية ظرفية ترتبط بزمن الرسول (ص) والأزمان السابقة. أما اليوم فإن الإسلام ينتشر في بلاد الكفر ويمارس المسلمون شعائرهم بحرية لم يجدوها في بلادهم التي هاجروا منها..
من هنا يمكن القول إن مثل هذه الروايات. رواية النهي عن النذر ورواية النهي عن السفر بالمصحف. ورواية النهي عن الصور ونكاح الشفار ونكاح المتعة لا حاجة لنا بها اليوم ومن الواجب نبذها والخلاص منها ليس فقط لكونها لا تتفق مع روح العصر ولكن لكونها تضفي على الرسول صفة المشرع فيما لا فائدة فيه فمن ثم فهي تزيد من إحراج الرسول شرعا وعقلا..

(١) مسلم. هامش كتاب النذر..
(٢) البخاري وأبو داود كتاب الجهاد ومسلم كتاب الإمارة.
(3) مسلم هامش باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى بلاد الكفار..
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست