دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ١٩٣
هذا؟ هل هو الاسراف؟ فما هو الحال إذا كان متخذ هذه الآنية يرعى حق الله في ماله ولا يظلم أحدا..؟
وإذا ما سلمنا بصحة هذا النهي فإنه يحمل على النهي الظرفي الخاص بواقع الرسول وتركيبة المجتمع المدني. ثم إذا كانت الفضة مباحة فلماذا تحرم آنيتها..؟
ويبقى بعد هذا مسألة النهي عن إلقاء السلام على أهل الكتاب..
يروى عن الرسول (ص) قوله: " لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه " (1)..
يقول الفقهاء: قوله (ص) لا تبدأوا اليهود.. الخ قيل النهي للتنزيه وضعفه النووي وقال الصواب إن ابتداءهم بالسلام حرام لأنه إعزاز ولا يجوز إعزاز الكافر. وقال الطيبي: المختار أن المبتدع لا يبدأ بالسلام ولو سلم على من لا يعرفه فظهر ذميا أو مبتدعا يقول استرجعت سلامي تحقيرا له وأما إذا سلموا على المسلم فقد جاء في حديث آخر أنه يردهم (2)..
إن المتأمل في هذه الرواية يتبين له أنها تتنافى مع خلق الرسول الذي جذب نحوه المشرك قبل الكتابي..
وتتنافى مع نصوص القرآن التي تبيح طعام أهل الكتاب ومناكحة نساءهم.
وإذا كان الإسلام يبيح هذا. أفلا يبيح إلقاء السلام عليهم..؟
فإذا ما تبين لنا هذا فمن أين جاء الفقهاء بهذا الموقف المتشدد..؟
وإذا كان بعض الفقهاء قد أجاز بدء اليهود والنصارى بالسلام واعتبر النهي للتنزيه لا للتحريم فلماذا لم يحترم الفقهاء هذا الرأي وضعفوه؟
والجواب أن فقهاء التشدد ونسبة التحريم للرسول ضد التسامح وحرية الرأي على الدوام. وهم يعتبرون المواجهة بينهم وبين المخالفين لهم مواجهة مصيرية تحتم إزالة أحد أطراف الصراع. وهم قد اختاروا أنفسهم وقرروا إزالة الطرف

(1) مسلم كتاب السلام.
(2) مسلم هامش باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام. كتاب السلام.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 197 198 199 ... » »»
الفهرست