خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١١٧
كان القسم المكلف بالتحرك إلى منطقة الأنصار عبارة عن مجموعة من الأوس متفقة مع قادة الانقلاب، وكانت مهمة هذه المجموعة منحصرة بمبايعة الخليفة الجديد عند طرحه من قبل قادة الانقلاب الثلاثة.
ولم يكن في حضور الأوس لزيارة سعد بن عبادة ما يثير الريبة، فإن عيادة المريض مرغوبة في الجاهلية والإسلام، ومن غير المستبعد أن الانقلابيين من الأوس قد تطرقوا إلى عصر ما بعد النبوة، ويجمع المؤرخون على أنهم قالوا لسعد بن عبادة: (الأمر لك، فما كنت فاعلا فلن نعصي لك أمرا)، بمعنى أن سعد بن عبادة يتولى توجيه الأنصار إلى ما يمكن عمله، وليس المقصود توليه سعد خليفة على المسلمين، ولأجل ذلك تقبل سعد كلام الأوس بحسن نية وارتياح، لقد كانت الخزرج خالية الذهن تماما من موضوع الانقلاب، ومن تورط أعداد كبيرة من الأوس فيه.
وفجأة حضر أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، وكان حضور الأولين مستهجنا، لأنهما صهرا رسول الله، وقد جرت العادة أن ينشغل الأصهار مع أهل المتوفى بتجهيزه ودفنه، ولكن سعدا والخزرج تصوروا أن زيارة الثلاثة تعبير عن محبتهم لسعد بن عبادة، ولفتة نبيلة منهم تجاه الخزرج.
ومن الطبيعي أن ينقطع الحديث بوصول الزوار الثلاثة، فمن الذي بدأ بمواصلة الحديث؟ وكيف تطور إلى حديث عن خلافة النبي؟ لا أحد يعلم ذلك على وجه اليقين، لكن المؤكد هو أن غاية الثلاثة من قدومهم كانت تنصيب الخليفة الجديد، وأن قسما كبيرا من الأوس كان ضالعا في المؤامرة، ولم يكن تواجدهم صدفة، بل هو ثمرة تخطيط وتدبير سابق، فأسيد بن حضير الذي قدمته وسائل إعلام الدولة بوصفه سيد الأوس، يشترك بعد يوم واحد من دفن الرسول في سرية يقودها
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»