* - الفصل الثالث - الاعلان عن وجود الانقلاب.
1 - حضر الذين اصطفاهم النبي صلى الله عليه وآله ليكتب أمامهم وصيته وتوجيهاته النهائية، وفجأة اقتحم عمر بن الخطاب الحجرة ومعه قادة التحالف وعدد كبير من أعوانه الذين اتفق معهم على خطة تحول بين النبي وبين كتابة ما يريد.
حضور عمر وأعوانه لم يكن بالحسبان، فكيف يتصرف النبي أمام هذه المفاجأة؟
هل يلغي الموعد ويضرب موعدا جديدا؟ أم يمضي قدما إلى حيث أمره الله؟ لقد اختار النبي الحل الأخير، فقال: " قربوا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا " وفي رواية أخرى: " إئتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة، أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا "، وهناك خمس روايات أخرى بهذا المضمون، وإن اختلفت لفظا.
ولو تأملنا في هذه الروايات السبع لم نجد فيها ما يدعو إلى الرفض والاعتراض، إذ من يرفض التأمين ضد الضلالة؟ ولماذا؟ ولمصلحة من؟
ثم إن الرسول في بيته، ومن حق الإنسان أن يقول في بيته ما يشاء، والرسول مسلم، ومن حق المسلم أن يوصي، ثم إنه ما زال رسولا وقائدا للأمة، وسيبقى إلى أن تصعد نفسه الطاهرة إلى بارئها يتمتع بصلاحيات الرئيس.
ففي كل المعايير العقلية والإنسانية والدينية، لا يوجد مسوغ لمواجهة النبي بسبب قوله: (هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا)، ولكن ما إن أتم رسول الله كلامه حتى انبرى عمر بن الخطاب موجها كلامه للحاضرين ومتجاهلا النبي: " إن النبي يهجر، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله " (23)، وعلى الفور ضج أتباعه بصوت واحد، متجاهلين الرسول وموجهين كلامهم للحضور: هجر رسول الله، إن رسول الله يهجر، ما شأنه أهجر، استفهموه، ما له أهجر؟
وردد أتباع عمر مع كل جملة من الجمل الأربع قافية: القول ما قال عمر،