خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١١٤
متجاهلين بالكامل وجود رسول الله (ص).
صعق الحضور من غير حزب عمر من هول ما سمعوا، فقالوا: قربوا يكتب لكم رسول الله، فرد عمر عليهم متجاهلا وجود النبي: إن النبي يهجر، وعندنا كتاب الله، حسبنا كتاب الله، وأحدث أتباعه الضجيج نفسه، وصاحت النسوة: " ألا تسمعون رسول الله؟ قربوا... فقال عمر: إنكن صويحبات يوسف، فقال النبي صلى الله عليه وآله: دعوهن، فإنهن خير منكم.
ويبدو أن النساء المجتمعات في بيت رسول الله بمناسبة مرضه سمعن اللغط والمشادة بين عمر وأتباعه من جهة وبين المؤمنين الصادقين الذين استجابوا لله وللرسول، وعندئذ تجمعن من وراء الستر أو عند الباب، وتعجبن مما يفعل عمر وحزبه، وصحن: ألا تسمعون رسول الله... فنهرهن عمر، فرد عليه الرسول ذلك الرد الموجع.
كثر اللغط والاختلاف، وارتفعت الأصوات، وتنازع الفريقان، وصارت الكتابة في ذلك الجو مستحيلة، فقد رأى رسول الله كثرة حزب عمر وإصرارهم على فعل أي شئ يحول دون الرسول وكتابة ما أراد، فلو أصر النبي على الكتابة وفعل ذلك، لأصر عمر وأتباعه على إثبات هجر رسول الله، لإبطال مفعول ما كتب، وهذا سيجر إلى عواقب مدمرة بسبب التشكيك بكل ما قاله النبي صلى الله عليه وآله، لذلك قرر النبي أن يصرف النظر عن كتابة توجيهاته النهائية، وأن يحسم الموقف، فقال: " دعوني، فالذي أنا فيه خير ما تدعوني إليه " أو " قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع " (24)، وكان هذا عين ما تمناه عمر وحزبه، لقد نجحوا في الحيلولة بين النبي وكتابة ما يريد، وتحققت الغاية من اقتحامهم لبيت رسول الله، ولم يعد هناك ما يوجب البقاء.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»