على أن المعني بها غيره لأن العبوس ليست من صفات النبي (ص) مع الأعداء المباينين فضلا عن المؤمنين المسترشدين. ثم الوصف بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة... وقد عظم الله خلقه (ص) إذ قال - وهو قبل نزول هذه السورة -: (وإنك لعلى خلق عظيم)، فكيف يعقل أن يعظم الله خلقه أول بعثته ويطلق القول في ذلك ثم يعود فيعاتبه على بعض ما ظهر من أعماله الخلقية ويذمه بمثل التصدي للأغنياء وإن كفروا والتلهي عن الفقراء وإن آمنوا واسترشدوا) (١).
واعتمادا على الروايات السابقة وأمثالها أخذ أهل السنة اعتقادهم بعدم اشتمال عصمة النبي (ص) إلا للأمور الدينية والتبليغية فقط، ولكن الله تعالى أمر بالاقتداء برسوله (ص) مطلقا وبدون أي قيد أو شرط، فقوله تعالى: ﴿وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى﴾ (٢)، وكذلك قوله تعالى: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ (3). يدل على عدم تقييد عصمته بل إطلاقها، وإذا جاز أن يخطئ النبي (ص) فإن الله يكون قد أمرنا بخطأ، وهذا ما نستعيذ بالله أن نقول بمثله.
وإن تسرب الروايات التي تمس بعصمة النبي (ص) بالإضافة إلى أنها من وضع الوضاعين حتى تتخذ مطاعن على دين الإسلام، فإنه يحتمل أيضا أسبابا أخرى لوضعها منها ما يصلح ليكون مؤيدا لموقف بعض الصحابة عندما قالوا في الرسول (ص) أنه يهجر - وهو في مرضه الأخير - عندما طلب منهم أن يأتوه بكتاب يكتبه لهم حتى لا يضلوا بعده، فلا غرابة بعد ذلك من وجود بعض الروايات والتي تجعل من أحد الصحابة يصيب في مسائل أخطأ فيها النبي (ص) وذلك على حد زعم مروجي مثل هذه الروايات. ومنها ما نسب