العمرة وحكيت لهم عن أماكن لا يعرفها حتى الذي حج سبع مرات كغار حراء وغار ثور ومذبح إسماعيل، وإذا تحدثوا عن العلوم والاختراعات شفيت غليلهم بالأرقام والمصطلحات وإذا تحدثوا عن السياسة أفحمتهم بما عندي من آراء قائلا: " رحم الله الناصر صلاح الدين الأيوبي الذي حرم على نفسه التبسم فضلا عن الضحك، وعندما لامه الناس المقربون إليه وقالوا له: كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يرى إلا باسم الثغر، أجابهم: كيف تريدون مني أن أتبسم والمسجد الأقصى يحتله أعداء الله، لا والله لن أتبسم حتى أحرره أو أهلك دون ذلك ".
وكان شيوخ من الأزهر يحضرون تلك الجلسات ويعجبون لما أحفظ من أحاديث وآيات وما أملكه من حجج دامغة فكانوا يسألونني عن الجامعة التي تخرجت فيها، فأفخر بأني من خريجي جامعة الزيتونة وهي تأسست قبل الأزهر الشريف، وأضيف بأن الفاطميين الذي أسسوا الأزهر انطلقوا من مدينة المهدية بتونس.
كذلك تعرفت في جامعة الأزهر الشريف على العديد من العلماء الأفاضل الذين أهدوني بعض الكتب، وكنت يوما ما في مكتب أحد المسؤولين عن شؤون الأزهر، إذ أقبل أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة المصرية ودعاه الحضور تجمع المسلمين والأقباط في أكبر الشركات المصرية للسكك الحديدية بالقاهرة، على أثر أعمال تخريبية وقعت بعد حرب حزيران فأبى أن يذهب إلا وأنا معه، وجلست في منصة الشرف بين العالم الأزهري والأب شنودة، وطلبوا مني إلقاء كلمة في الحاضرين ففعلت بكل سهولة لما تعودته من إلقاء المحاضرات في المساجد واللجان الثقافية في بلادي.
والمهم من كل ما حكيته في هذا الفصل، هو أن شعوري بدأ يكبر وركبني ى بعض الغرور وظننت فعلا بأنني أصحبت عالما، كيف لا وقد شهد لي بذلك علماء الأزهر الشريف ومنهم من قال لي: يجب أن يكون مكانك هنا في الأزهر، ومما زادني فخرا واعتزازا بالنفس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله أذن لي في الدخول لرؤية