السابقين وهم أولياء الله بلا خلاف، وكيف أوذي أفضل الأنبياء وأكملهم وحبيب إله العالمين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولماذا تكسر رباعيته وينهزم الجيش يوم أحد ألم يكن في إمكانه بدعاء منه أن يهزم جميع المشركين.
إن الأنبياء والأولياء جاؤوا لهداية الناس دون جبر أما المعجزة والكرامة فليست لقهر العباد بالقوة للسير على الصراط المستقيم، وإنما كانت لإتمام الحجة وبيان حقيقة مكانة الأولياء عند الله تعالى، ولو كان كل انحراف يواجه بالتدخل الغيبي لإرجاع الناس إلى الحق لما كان هنالك معنى للابتلاء ولا معنى للثواب والعقاب، يقول تعالى (ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) (سورة يونس: آية / 99).
إن الإمام والخليفة يعرف بالنص من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى الناس الالتزام بنصرته، كما الكعبة تعرف بحج الناس إليها فيأتونها ولا تأتي لأحد، جاء في أسد الغابة عن علي (ع) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنت بمنزلة الكعبة، تؤتى ولا تأتي، فإن أتاك هؤلاء القوم فسلموها إليك - يعني الخلافة - فاقبل منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم حتى يأتوك " (1).
ولقد اختصر أمير المؤمنين علي (ع) وجهة نظره في خطبته المعروفة بالشقشقية (2) يقول فيها: - " أما والله لقد تقمصها فلان (3) وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه!.
فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى،