الإسلام ونطقوا بالشهادتين، ولا سلطان له على اليهود الذين احتفظوا بدينهم، وأعلنوا قبولهم بقيادة النبي، وأبطنوا العداوة له. لقد كان النبي يطاولهم ما طاولوه، ويهادنهم ما هادنوه، ولا يبدأ بعداوة أي فرد أو جماعة، ولا يفتح على أي كان أبواب المواجهة والخصومة، تلك هي طبيعة النبي وطبيعة دينه وهذا منهج النبي في كل مواجهاته، فقد كان يترك الخصم حتى يبدأ بالعدوان، فإذا بدأ الخصم بالعدوان يعطي أوامره بالرد وبحجم العدوان. ومن هذا المنطلق، فإن أفرادا من اليهود، وجماعات من اليهود قد نقضوا العهد، وخرجوا على العقد، فجابه الذين نقضوا عهودهم، ولم يتعرض لغيرهم، فإذا خرج خارج جابهه، وإذا نقض عهده ناقض تصدى له، هذه السياسية الحكيمة جنبته وحدة خصومة، وفتتت جبهة أولئك الخصوم، فمن فيض النعمة الإلهية على محمد، ومن عبقرية قيادته، إن خروج اليهود ومواجهتهم له لم يتم على دفعة واحدة، ولا بوقت واحد، وإلا لكان في ذلك حرج شديد، إنما حدثت مواجهة اليهود له على موجات، وبأوقات متعددة، وفي كل خروج كان الرسول يواجه من يخرج عليه من اليهود ومن ينقض عهده، ولا يتعرض لغيره لا من قريب ولا من بعيد، وكان يحرص كل الحرص، على أن سن لمن يخرج عليه سوء عمله وحقيقته، وأن ينصح للنزوع عنه، فإن أبى استعان النبي عليه بالله وواجهه، مما أضفى على مواجهاته كلها طابع الشرعية نتائج معركة بدر النتائج المذهلة التي أسفرت عنها معركة بدر، صعقت كل أولئك الذين كانوا يبطنون الكراهية والحسد لمحمد ولآله وأتباعه، وأججت نيران حسدهم للنبي وحقدهم عليه، وأخرجتهم عن وقارهم المصطنع، صمتهم الآثم، ومن هؤلاء اليهود، والمنافقين، ومع أنه لا علاقة خاصة
(٢٧٦)