لرؤية الرجل الرسول، وموالي أو متظاهر بموالاة هذا الرسول ولا خلاف بين اثنين من سكان يثرب بأن الرجل الرسول سيأتي إلى يثرب قائدا ومتبوعا غير تابع، ولم يعلن أحد من السكان معارضته لقيادة الرسول، لقد نجح المسلمون الرواد في يثرب بإيجاد حالة عظمي من الانبهار. لقد استقبل سكان يثرب وما حولها النبي استقبالا حافلا لم يستقبل به زعيم قبله قط، وما يزيد هذا الاستقبال روعه إنه وليد مشاعر مختلطة من الرضى والاقتناع والمجاملة والانبهار، وفي بعد قصى عن القوة والإكراه والتسلط. وقد اشتركت الأقلية الكبيرة من اليهود اشتراكا مؤثرا في كل ذلك، فقد تسلق قسم منهم جذوع النخيل ليكون أول من يرى طلعة النبي،!! ولما أشرقت طلعة النبي صاح أحد اليهود (يا أهل يثرب هذا حظكم قد أتى) انتهت مراسم الاستقبال، ودخل النبي عاصمته الجديدة يغمره شعور عام بالرضى والاطمئنان، وصمم أن يجعل من وصوله إلى يثرب نقطة تحول كبرى في حياة كل سكانها لا فرق باللون أو العرق أو الدين، لقد كانت نظرته للأمور حيادية ومجردة وهمه الأعظم منصب على إنقاذ الجميع من الظلمات إلى النور وإشعار الجميع أنهم أصحاب رسالة إلى العالم ولعبت قوانين التنافس والتسابق بين بطون الأوس والخزرج دورا كبيرا فلا تجد من هذه البطون رجلا إلا وقد أسلم أو تظاهر بالإسلام، أو والى محمدا حقيقة أو تظاهر بموالاته، فبطون الأوس تريد أن تكون السابقة
(٢٧٢)