المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٧٥
السير مذهبين: 1 - فمنهم من يقول بأن اليهود قد عاهدوا النبي وتعاقدوا معه، بأن تكون حرب النبي حربهم، وسلمه سلمهم، وعدوه عدوهم، ونصوص الصحيفة أو الدستور الذي وضعه النبي لترتيب أوضاع يثرب وما حولها بعد قدومه إليها تؤكد ذلك، وسير الأحداث التاريخية يؤكد أيضا هذا القول 2 - ومنهم من يرى بأن اليهود قد عاهدوا النبي وتعاقدوا معه على التعايش معه، وأن لا يعينوا عليه عدوا كائنا من كان.
وسيان أخذنا بهذا القول أو ذاك فإن اليهود على أقل تقدير قد التزموا بعدم معاداة النبي وبالتعايش السلمي معه.
نقض العهد والخروج على النبي من المؤكد أن يهود المدينة وما حولها ذهلوا من سرعة التفاف بطون الأوس والخزرج حول الرسول، ومن قدرة الرسول على استقطابهم ومن حالة الانبهار العام التي دفعت هذه البطون لموالاة محمد أو التظاهر بموالاته، واكتشف اليهود بأنهم قد تميزوا أو عزلوا عن المجتمع، فرأوا أن من الحكمة أن لا يكتشفوا أنفسهم، فأعلنوا أنهم باقون على دينهم، ولكنهم يوالون النبي ويقبلون بقيادته . هم من الأوس والخزرج، ويوالون وليهما ويعادون عدوهما، ومن الطبيعي أن النبي لا يحاكم على البواطن، فهم يعلم علم اليقين أن هنالك منافقين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر والعصيان، ويتشرقون بموالاة النبي وهم عصاة، ولكن حسب مقتضيات العدل الإلهي فإنه لا سلطان له عليهم ما أظهروا
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»