أو يجدوا للأمر مخرجا، فرعبت بطون قريش، ووعت حقيقة إنها غير مستعدة للقتال، وأن استعدادها ينحصر في منع محمد ومن معه من أداء العمرة عنوة عنها وليس قتاله، وعلى هذا الأساس أجلبت ثقيف، وجمعت أحابيشها، وأخذ محمد البيعة من أصحابه على القتال نسف لكامل خطط البطون، وتحديد مجال المناورة أمامها، وقد هدد جليس بن علقمة بسحب الأحابيش، وموقف ثقيف يتراخى وبالنتيجة ستكون البطون الغير مستعدة للقتال وجها لوجه أمام محمد، وتنفتح على البطون أبواب لا تقوى على إغلاقها. ثم إن مطالب محمد واضحة ومحددة، وغاية ما يتمناه أن تخلي البطون بينه وبين العرب، لذلك رأت زعامة بطون قريش إن من الخير لها أن تصالح محمدا وأن تعقد معه هدنة طويلة الأجل مقابل أن ينصرف عنها هذا العام ويعود في العام القابل حتى لا تفهم العرب بأن محمدا قد دخل مكة عنوة عن البطون، واختارت البطون ثلاثة من رجالاتها ليقوموا بالمفاوضات مع محمد نيابة عنها، ويكتبوا وثيقة بما يتم الاتفاق عليه ويوقعها الطرفان. وتشكل وفد البطون إلى المفاوضات من سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص، وتوجه وفد البطون لمقابلة الرسول والشروع بالتفاوض تمهيدا لتحقيق المصالحة راجع المغازي للواقدي ج 2 ص 604 وما فوق على مائدة المفاوضات جلست بطون قريش ممثلة بوفدها لتتفاوض مفاوضة مباشرة مع محمد الذي لم تعترف بوجوده طوال مدة 19 عاما، وبجلوسها على مائدة المفاوضات معه يعني اعترافها الضمني بوجوده ككيان كفوء للتعاقد معها. استهل رئيس وفد البطون الجلسة الأولى بتقديم اعتذار البطون عن بعض المناوشات المحدودة التي جرت من بعض أتباعها قائلا (من قاتلك لم يكن من رأي ذوي رأينا، ولا ذوي الأحلام منا بل كنا له كارهين حتى بلغنا ولم نعلم به، وكان من سفهائنا فابعث إلينا بأصحابنا الذين أسرتهم، فقال النبي أبعثهم إليكم حين ترسلون أصحابي فقال سهيل أنصفتنا، وهكذا
(٢٦٤)