وحول رجوعه على أن يعود العام المقبل، فالعمرة سبب للمصالحة وطريق إليها، فقد اتخذ الرسول قرار العمرة لعل مسيرته إلى العمرة تؤدي إلى المفاوضة، فالصلح، وقد أدت العمرة دورها وقادت إلى المصالحة، وكانت سببا لتخلي قريش بينه وبين العرب، وهو المطلب الذي قاتل من أجله ستة سنوات، وتمناه طوال فترة البعثة التي سبقت المصالحة والتي استمرت 19 عاما، ورجوع محمد دون أداء العمرة إحراج كبير لبطون قريش أمام العرب، واعتراف صريح منها بأنها تصد زوار بيت الله الحرام، وبالتالي ليست أهلا لإدارة البيت الحرام، ومحمد مأجور برجوعه، لأنه لو أصر على أداء العمرة، فالشر الذي سيحدث بأدائها أعظم من الخير الذي يرجى تركها.
أما حول البند الذي ينص على الالتزام برد من يأتيه بدون إذن وليه فهو يصب في مصلحة الإسلام، فمن يؤمن بالله ورسوله لا يمكنه أن يتخلى عن هذا الإيمان، سواء أكان مع محمد أو عند بطون قريش، وكثير من المسلمين كانوا يقيمون في مكة، فمن يرده النبي ينضم للمسلمين المقيمين في مكة ليشكلوا معا قوة يستفاد منها عاجلا أم آجلا ثم إن بنود الاتفاق متكاملة، فإذا أخلت بطون قريش ببند منها فإن محمدا بحل من هذا الاتفاق بعد أن شاع بين العرب، واعترفت البطون. بحقه باستقطاب من يشاء. وستتاح له الفرصة لتصفية الحركة اليهودية في الجزيرة واستقطاب القبائل التي كانت مترددة وإعادة لخاطر بطون قريش وبكل الموازين السياسية والعسكرية فإن صلح الحديبية كان من أعظم الإنجازات والفتوحات التي حققها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
(أنا عبد الله ورسوله) بهذه الكلمات الثلاثة أجاب رسول الله من لم تعجبه هذه المعاهدة، بمعنى أن الله تعالى هو الذي أمره بالعمرة، ورتب له الأمور، فهو عبد الله يفعل ما يؤمر، ورسول الله يتقيد بأوامر من أرسله، فمعه الوحي