المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٦٦
وبعد تبادل نسخ الكتاب (المعاهدة) قال من حضر من خزاعة (نحن ندخل في عقد محمد وعهده، ونحن على من ورائنا من قومنا) وقام من حضر من بني بكر فقالوا نحن ندخل مع قريش في عهدها وعقدها ونحن على من ورائنا من قومنا) راجع المغازي للواقدي ج 2 ص 612 تقييم الاتفاق أو معاهدة الصلح لبطون قريش نفوذ أدبي هائل عند العرب، فهم حماة البيت الحرام، وجيرانه وسدنته ومكرموا زواره، وهم سادة الوادي كل العرب تعرفهم، وتكن لهم الاحترام، فلهم فخر، ولهم سيادة على العرب، حتى أن ملوك الأرض يعرفون سادات البطون، وقد أعطوهم العصم راجع الطبقات لابن سعد ج 1 ص 75 وتاريخ الطبري ج 2 ص 180 والسيرة الحلبية ج 1 ص 5 وكتابنا النظام السياسي في الإسلام ص 93.
والعرب تراعي خاطر بطون قريش، وربما حددت موقفها على ضوء موقف البطون، لقد صورت بطون قريشا محمدا وكأنه خارج عليها، فقادت ضده حملاتها الإعلامية الكاذبة والمركزة كقولها له (حاشا له) ساحر، وشاعر، وكاهن، وكاذب، وإن هذا الذي يسميه قرآنا ما هو إلا أساطير الأولين واستغلت زوار بيت الله الحرام، فروجت إعلامها الفاجر ضد النبي فنفرت الناس منه، وصدتهم عنه، لأن كلمة البطون كانت مسموعة عند العرب فهم عشيرة النبي، وهم أدرى به، ولأن البطون سادة الوادي.
ولكن محمدا لم يستسلم فقرر الهجرة، فتآمرت البطون على قتله، ولكن الله نجاه، وطاردته البطون، ولكن مطاردتها له فشلت، وتمكن النبي من تأسيس كيان سياسي له في يثرب وما حولها، ولم تدعه البطون ولم يتوقف إعلامها الفاجر ضده فأخذ النبي يضغط عليها وغاية ما يطلبه منها (أن تخلي بينه وبين العرب، فإن أصابوه فهذا ما تريده البطون، وإن لم تصبه العرب فإن محمدا لن يتعرض للبطون
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»