الفصل الثالث وأفلست بطون قريش واحتارت ماذا تفعل سمع العرب بتجمع الأحزاب، وبمسيرتها إلى محمد، فهم بين مشارك بهذا التجمع وبين مؤيد له متعاطف معه، وأيقنوا أن تجمع الأحزاب كان أكبر تجمع شهدته جزيرة العرب، ولم يخالجهم أدنى شك بأن الأحزاب ستستئصل محمدا ودينه وأولياءه من الوجود.
ثم أحيطوا علما بقصة الخندق، وبمبارزة علي بن أبي طالب لأقوى العرب وأشجعها عمرو بن ود (وكيف قتله علي وسمعوا باختلاف الأحزاب، وبما فعلته الريح بتلك الأحزاب، وبفشل الأحزاب وعودتها خائبة بعد حصار للمدينة دام بضع عشرة يوما.
وتابع العرب أنباء المعارك التي جرت بين محمد وبين قبائل اليهود، وكيف خرج محمد منها منتصرا.
وتابع العرب أنباء السرايا العسكرية التي كان يسيرها محمد فتجوب أنحاء الجزيرة وتؤدب القبائل المعادية له أو الطالعة به قبيلة تلو قبيلة وعرف العرب أن محمدا قد فرض حصارا على طرق التجارية التي تسلكها قوافل بطون قريش إلى بلاد الشام سواء عن الطريق المدينة أو عن طريق العراق، وهو مصر على إبقاء حالة الحصار هذه حتى تخلي بطون قريش بينه وبين العرب إن الرجل يفرض سلطانه، ويوسع هذا السلطان ويوطده يوما بعد بوم، لقد أدركت العرب وعلى رأسها بطون قريش إن شعار (استئصال محمد من الوجود) وهم وغير قبائل للتحقيق، فمحمد لا يمكن استئصاله ولا يمكن القضاء عليه