تعكير انتصار البطون وخطف بريقة هزت هزيمة المسلمين في أحد التركيبة الهشة لمجتمع المدينة وما حولها، عاد النبي جريحا ومعه الجرحى، وقد سبقت عودته أنباء القتلى، وأشاع اليهود أن محمدا طالب ملك، وعلى حد علمهم فلم يصاب نبي كما أصيب محمد، وتنمر المنافقون، وأظهروا شماتتهم وفجع المسلمون الصادقون بقتلاهم، وحزنوا حزنا شديدا، وكان النبي من أكثرهم حزنا على عمه الحمزة.
وفي الجانب الآخر كانت بطون قريش تتلذذ بنصرها بالوقت الذي اختلط فيه عليها أمرها، ففريق يرى أن محمدا قد انتهى بالفعل، فقد أصيب بعدة جراح، وقتل عمه و 73 رجلا من أصحابه، وقد انتصرت البطون عليه بالفعل، وثأرت لقتلاها، وما هي إلا فترة حتى ينفض أصحابه من حوله، وينهار الكيان السياسي الذي بناه فمن الحكمة أن تعود البطون بنصرها المؤزر، وأن تترقب آثار انتصارها. وقد تكون ملاحقة محمد كارثة تسلبها بريق انتصارها العظيم فقد ينفر معه الأوس والخزرج إذا أحسوا أنهم قد هوجموا في قعور بيوتهم.
وفريق آخر يرى أن الفرصة سانحة للقضاء على محمد قبل أن يتمكن من التقاط نفسه، وإعادة تنظيم رجاله.
أدرك النبي أن ترك الأمور على ما هي عليه دون إجراء عاجل سيضاعف هزة المجتمع اليثربي، ويكون ضربة معنوية موجعة يصعب التنبؤ بآثارها.
فبعد أن ضمد جراحه وضمد الذين جرحوا جراحهم أصدر أوامره بالاستعداد للخروج لملاقاة بطون قريش أو ملاحقتها وبعد صلاة الصبح نادى مناديه (أن رسول الله يأمركم بطلب عدوكم ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس) ودعا رسول الله باللواء وهو معقود لم يحل ودفعه إلى علي عليه السلام) وخرجوا حتى وصلوا