المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٤٠
إلى حمراء الأسد فعسكروا هناك، وأمرهم أن يجمعوا الحطب في النهار وأن يوقدوه ليلا. وكان معسكر بطون قريش بالروحاء، وهول معبد بن أبي معبد الخزاعي الآمر لبطون قريش فأخبرهم أن محمدا وأصحابه خلفي يتحرقون عليكم بمثل النيران، (وقد اجتمع حوله الأوس والخزرج وتعاهدوا ألا يرجعوا حتى يلحقوكم فيثأروا منكم) ذهل أبو سفيان وأركان حربه من سرعة إعادة النبي لتنظيم صفوف أصحابه ومن رده العاجل، وأدركوا أن محمدا قد عكر عليهم نصرهم وخطف منهم بريقه، وأنهم إن اصطدموا معه بهذه الحالة فسيهزمهم لا محالة وينقلب فرحهم إلى ترح. ومر بأبي سفيان نفر يريدون المدينة، فخصص لهم مكافأة إذا قالوا لمحمد إن بطون قريش قد أجمعت على الرجوع إليه. ليضمن توقف محمد عن الملاحقة. وأصدر أبو سفيان وأركان حربه أوامرهم بالرحيل والعودة إلى مكة فورا بعد أن نغص النبي انتصارهم.
لقد كانت حركة النبي بارعة بكل الموازين العسكرية، لقد أعادت الروح المعنوية للمسلمين، صفو بطون قريش، وخطفت منها بريق انتصارها، ورجعت وكأنها مهزومة، وكانت هذه الحركة الرائعة أبلغ رسالة لليهود والمنافقين والقبائل المحيطة بالمدينة التي تنتظر من يقع حتى تنقض عليه وتأكله. ومن هنا أعلن تعالى رضاه عن (استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم الفرح) سورة آل عمران آية 172، وعفا عن الذين فروا من معركة أحد كعمر بن الخطاب وعثمان وغيرهم من الصحابة الكرام وأعطاهم فرصا جديدة.
راجع المغازي للواقدي ج 1 ص 334 - 340
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»