حمزة فصلى عليه النبي أربعا، ثم جمع إليه الشهداء وكلما أتى بشهيد وضع إلى جنب حمزة فصلى عليه وعلى الشهداء حتى صلى عليه سبعين مرة، ودفن الشهداء وقال النبي (أنا على هؤلاء شهيد) فقال أبو بكر يا رسول الله أليسوا إخواننا أسلموا كما أسلمنا، وجاهدوا كما جاهدنا؟ قال الرسول بلى، ولكن هؤلاء لم يأكلوا من أجورهم شيئا ولا أدري ما تحدثون بعدي، فبكى أبو بكر وقال إنا لكائنون بعدك؟.
وأقسم النبي (والذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه، وأضاف (فلا تدعوا السلام عليهم وزيارتهم) وعزى رسول الله القوم بقتلاهم، وأكد أنهم في الجنة، وارتاح الناس لسلامة النبي رغم جراحه، وأشاع اليهود بأن محمدا طالب ملك، وما أصيب هكذا نبي قط في بدنه وأصحابه، وجعل المنافقون يثبطون عزائم الناس، ويبثون الأراجيف. فأشار عليه بعض أصحابه بقتلهم فقال النبي (إن الله مظهر دينه ومعز نبيه) ولليهود ذمة فلا أقتلهم، فقيل هؤلاء المنافقين يا رسول الله فقال رسول الله: أليس يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قيل بلى يا رسول الله إنما يفعلون ذلك تعوذا من السيف فقد بان أمرهم وأبدى الله أضغانهم عند هذه النكبة. فقال رسول الله نهيت عن قتل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله) وجائت نساء الأنصار فبكين على حمزة، لأن استشهاد حمزة كان جرحا غائرا في قلبه، فقال النبي (رضي الله عنكن وعن أولادكن ومن ذلك التاريخ ما بكت امرأة من الأنصار إلا بدأت بحمزة،....
راجع المغازي للواقدي ج 1 ص 312 - 319