المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١١٤
استعادت جموع المسلمين روعها، فكرت بعد فر وألحقت الهزيمة بعدوها) 22 واتجهوا إلى الطائف آخر معاقل الشرك، فتحصن بها أهلها فحاصرهم النبي، ثم قرر أن الطائف قد سقطت عمليا وأن أهلها أتوه يوما، فتركها،) 23 وقسم الغنائم بين الناس وعاد إلى المدينة المنورة يغمره السرور بنصر الله والفتح، وما أن استقر قليلا حتى بدأت الوفود تتقاطر عليه، معلنة استسلامها على يديه) 24 وخلال تلك الفترة كان النبي يتفقد ما بقي من جيوش الشرك ويرسل سراياه وبعوثه ورسله لتغيرها وهداية أهلها.
وارتاحت نفسه الشريفة وهو يرى أن بلاد العرب قد توحدت ولأول مرة في التاريخ، وبكلفة بشرية لا تتجاوز أربعمائة قتيل، وبمدة زمنية لم تتجاوز تسع سنين واطمأن قلبه الطاهر وهو يرى دين الإسلام قد أصبح دينا لكل سكان بلاد العرب، وصرح علنا بأن الشيطان قد يئس من أن يعبد في بلاد العرب.
لقد أقلقت هذه الإنجازات الهائلة مضاجع قادة الدولتين الأعظم آنذاك خاصة الأباطرة، وأشيع بأن الروم قد حشدوا جيشا كبيرا، فاستنفر رسول الله المسلمين وجهز حملة كبرى قوامها ثلاثين ألف مقاتل معهم (15) ألف بعير وعشرة آلاف فرس في ظروف صعبة وسار بهذا الجيش قرابة 500 كيلو متر ووصل إلى تبوك) 25 واخضع دومة الجندل، ووطد سلطان الإسلام بهيبته، وأحجم الروم عن ملاقاته بعد أن قذف في قلوبهم الرعب، وحققت الغزوة أهدافها النفسية، فضلا عن الكم الهائل من العبر والأسرار، فقد جمعت غزوة تبوك الأخيار والأشرار وثبت للأخيار بأن الذين أجرموا يحقدون على محمد وعلى آل محمد، وأن النبي وآله لو فتحوا أقطار الدنيا
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»