وكان عمر بن الخطاب كما ذكروا في حالة من الهوس والهذيان: " فما زال عمر يتكلم حتى أزبد شدقاه ".
فلما أقبل أبو بكر جلس عمر بن الخطاب وسكت عندما كان أبو بكر يتلوا الآية التي تليت عليه فما ردته عن تهديده للناس. فقال عندها:
" أيقنت بوفاته الآن، وكأني لم أسمع هذه الآية " (35).
ولا يغيب على حاذق مثل هذه الفبركات. إذ لو أن شدقيه أزبدا لجنة أصابته لفراق النبي (ص) أو مس لحقه حسرة على رحيل الرسول (ص) لما سكت عند قدوم صاحبه أبي بكر. ولما هرع إلى السقيفة لكي لا تفوته الخلافة ولكان أجدر بمن أصابته تلك الجنة ولحقه ذلك المس، أن يحضر جنازة الرسول (ص) وذكر صاحب كنز العمال " وأن أبا بكر وعمر لم يشهدا دفن النبي (ص) ".
وفي حديث عائشة كما نقله بن هشام وابن كثير وأحمد بن حنبل: " ما علمنا بدفن الرسول حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل ليلة الأربعاء ".
لقد احتفظ كل من أبي بكر وعمر بوجودهما في المدينة. ولم يعطوا اهتماما لوفاة الرسول (ص) كما تقدم. بل كان همهما أن يجادلا الأنصار على الخلافة ويطرحا نفسيهما أوصياء على الأمة في غيبة أهل الرأي ورغما عن رغبة كبار الصحابة.