" يعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات " (16).
والآيات السابقات تدل على أن النفاق أصبح في مستوى خطورة الكفر. وأنه امتداد للشرك.
ولم تكن هذه الخطورة باليسيرة على الفئة المؤمنة. ولا بالأمر الهين على من انطوى على حسن السريرة. لقد خاطب عمر بن الخطاب الناس بعد وفاة الرسول (ص) بنفس المنطق المنسجم مع ذلك الظرف التاريخي، وبنفس القضية التي يجدونها في أنفسهم وتستسيغها أذهانهم. إذ قال عمر للمغيرة حين قال له: " مات والله رسول الله (ص) فقال عمر كذبت ما مات رسول الله ولكنك رجل تحوسك فتنة ولن يموت رسول الله حتى يفني المنافقين " (17).
ولم يكن هناك من هو أكثر نفاقا وتبييتا للإسلام من أولئك الذين تمسكوا بشركهم حتى زمن الفتح. والذين لم يؤمنوا إذ أسلموا وهم معرضون. إنما كانوا من الطلقاء الذين بدا للرسول (ص) أن يبقيهم على قيد الحياة بعد أن كان أمر بقتلهم. هؤلاء كانوا في طليعة المنافقين الذين شاعت أخبارهم في أصقاع الجزيرة العربية. وقد سبق أن حذر الرسول (ص) المسلمين من خطر الأموية، عندما رأى الرؤيا الشهيرة. فلقد سمعوا منه عليه السلام قوله في الآية " والشجرة الملعونة في القرآن " هم بنو أمية، وذلك عندما رأى بني الحكم ابن أبي العاص ينزلون على منبره فساءه ذلك فنزل قوله تعالى:
" وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس، والشجرة الملعونة في القرآن " (18).
وازدادت خطورة النفاق بعد وفاة الرسول (ص) وبدأوا يتطلعون إلى مشاريع هدامة. فقد روى البخاري عن حذيفة بن اليمان قال: