إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته " (28).
فلتذهب نفوس حسرة، وليسلك الرافضون مذاهبهم.
فالأمر اليوم أجل من أن يسكت عنه.
لقد كان تلطف الرسول (ص) في الأمر من باب أن المجتمع أصبح غاصا بالمنافقين، وبمن لا زالت في قلوبهم موجدة عليه وعلى علي (ع) وبني هاشم في كل ما جرى لهم. إنه يعلم أن الأغلبية منافقة، ولذلك رفضت الإمامة لعلي (ع) واغتصبت حقه في ذلك انتقاما لماضيها الشركي.
2 - التدبير الثاني / إبعاد المسلمين إلى جهة الخارج:
ذكر ابن سعد في طبقاته، إنه لما كان يوم الأربعاء بدء برسول الله (ص) المرض، فحم وصدع. فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده ثم قال:.
أغز بسم الله في سبيل الله، فقاتل من كفر بالله فخرج وعسكر بالجرق فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار انتدب في تلك الغزوة فيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وغيرهم، فتكلم قوم وقالوا يستهل هذا الغلام على المهاجرين الأولين، فغضب رسول الله (ص) غضبا شديدا فخرج وقد عصب على رأسه عصابة، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال " أما بعد، أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في إمارة أسامة، ولئن طعنتم في إمارة أسامة لقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إنه كان للإمارة خليق وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة ثم نزل فدخل بيته وذلك يوم السبت لعشرة خلون من ربيع الأول وثقل رسول الله (ص) فجعل يقول انفذوا بعث أسامة ".
إن المدقق في نبرة الخطاب الأخير.. والملابسات التي لفته يدرك إلى أي مدى كان الرسول (ص) يراهن على ذهاب الجيش إلى مهمته وبذلك يتم إجلاءه من المدينة. فالإمعان في تجهيز جيش أسامة زيادة على الابقاء على علي (ع) بجواره في اللحظة التي سيفارق فيها الحياة.. له دلالة قوية على أن الرسول (ص) كان يروم