إلى إجلاء كل من من شأنه الطمع في خلافة الرسول (ص) والتطلع إليها.
فهو من جهة يبين لهم أن أمر الإمارة من اختصاص النص. وأنه عندما أمر عليهم أسامة إنما عمل ذلك من جهة اختياره الذي لا دخل لمشورة فيه. فالمشورة لا مدخلية لها في المسؤولية.. وهو من جهة أخرى يبين لهم إنهم وأسامة وغيره سواء. وإنهم ليسوا ذووا ميزة تناقض تأمير أسامة عليهم.. وإن أسامة على صغر سنه يبقى جدير بها ممن كانوا معه. وكأنه عليه الصلاة والسلام يعلم أن البعض سوف يرفض إمامة علي (ع) لصغر سنه. فبادر إلى هذا النوع من الاختيار لجعله درسا لأمته إلى الأبد!.
لقد حاول الرسول (ص) وبكل إمعان إجلاءهم بعيدا عنه ولو أن وجودهم يومها كان أفضل من غيابهم، إذن، لأبقى عليهم رسول الله (ص) في المدينة وهو يعلم أن وفاته لا شك واقعة!.
لكن ما الذي وقع؟.
كان تيار الاغتصاب من جهة واعيا بمقاصد الرسول (ص) مطلعا على تدابيره فأبو بكر وعمر بن الخطاب يدركان تمام الادراك، أن شيوع إمامة علي (ع) سوف يخلق لهما متاعب كثيرة.. وأن إجلاءهما خارج المدينة قد يفوت الفرصة عليهما، فإن كان أبو بكر وعمر بن الخطاب قد استشكلا تأمير أسامة عليهم فإن ذلك كان محاولة منهم لإفشال خطة الرسول (ص). هم مصممون على طلب الخلافة، فإذا أنزلهم الرسول (ص) تلك المنزلة، فكيف يتسنى لهم الصعود مجددا، بعد أن يرسخ في وجدان المسلمين إن أبا بكر وعمر بن الخطاب، هما كباقي المسلمين، وإنهما وإياهم سواء تحت إمرة أسامة. ومن هنا عملا على إفشال ذينك التدبيرين من خلال رفضهم امتثال الأمر.
إنهم لم يجهزوا جيش أسامة، وبقوا هناك على مقربة من الرسول (ص) يتتبعون مجريات الأمور. كان عمر يسترق السمع عن طريق عائشة في حين هرب أبو بكر إلى منزله بالسنح (29) بل إن عمر بن الخطاب ظل رافضا لإمارة أسامة، على