ثم قال: " أيها الناس إني تارككم وأنتم واردي علي الحوض، وإني سائلكم حين تردون علي، عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. قالوا: وما الثقلان يا رسول الله؟.
قال: الثقل الأكبر كتاب الله، سبب طرفه بيد الله، وطرف بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تضلوا، ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي " (26).
وهناك أمثلة كثيرة من تلك الفضائل التي كانت تعكس مدى اهتمام الرسول الأعظم (ص) بولاية علي (ع) وسوف نذكر بعضها في مقام آخر.
وكان الرسول (ص) يعمل على تركيزها في أذهان المسلمين، حتى يستقرئوا من خلالها أحقية الإمام علي (ع) في خلافة النبي (ص). وظل عليه الصلاة والسلام يسلك طريقا هادئا في ذلك حتى لا يثير بها حفيظة قوم وتر علي (ع) قلوبهم بقتله أجدادهم على امتداد المعارك التي خاضها مع الرسول (ص) وحتى يتجنب عليه الصلاة والسلام حقد الحاقدين الذين رأوا في تنصيب علي (ع) تفويتا لمصالحهم ومطامعهم الخسيسة.
ولما كان الوحي يراقب عن كثب محنة الرسول (ص) خفف ذلك القلق عنه وأمره بأن يصدع بالحق، إكمالا للدين وختما لشريعته. فكان أن خطب فيهم خطبته الشهيرة بغدير خم. وفيها اكتمل الدين بقوله تعالى:
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمي ورضيت لكم الإسلام دينا " (27).
كان هذا هو التدبير الذي انتهى إليه الرسول (ص) هو أن يصدع بالحق، ولا يخفي الأمر وليكن ما يكون، فالأمر إلهي: " يا أيها النبي بلغ ما أنزل