وكان جدير - أيضا جمن هم حول الرسول (ص) أن يهتموا أيما اهتمام بما يلفظه هذا الرجل العظيم من قول في نهاية رحلته من بين أظهرهم. فهو رجل ليس كباقي الناس.
غير أن الواقع يختلف - تماما - عما يفترض من طيبة هذه القلوب واستنارة تلك العقول.
لقد كانت نهاية صامتة ولعمري إنهم جعلوها كذلك حتى لا يثيروا على أنفسهم لومة لائم على حق أضاعوه. وحقيقة سكتوا عنها. مات الرسول (ص) صاحب الأمة العريضة، وصاحب الهموم الكبرى التي كان يركز عليها حتى نهاية عهده كاهتمامه بتجهيز جيش أسامة. مات هذا النبي العظيم وترك أمته مضطربة من دون أدنى وصية أو إشارة تشد ظهر مصيرها. إلى من يخلفه في الأمر وكيف يخلفه فيه. وإذا كانت قضية الخلافة هي منشأ الخلاف عند المسلمين، وبداية التصدع في صرح الأمة. فكيف لا يسمع فيها لرسول الله رأي؟!.
إلا أن الحقيقة المرة ليست كما يحاول عرضها المزورون للأحداث التاريخية، جهلا أو طمعا. الحقيقة المرة هي أن رسول الله (ص) ما فتئ يوصي أمته في نهاية عهد. بمن يخلفه في أمته. غير أن تيار الاغتصاب وجه الأمر إلى وجهة معاكسة تقوم على الرأي الكسير والاغتصاب الجائر. كانت هناك حبكة جميلة، وطبخة لذيذة أعدها هذا التيار. لذلك سوف يتبين لنا كيف كان الرسول (ص) يدبر الأمر وكيف كان تيار الاغتصاب يتتبع هذه التدابير بخطى حثيثة، ويعيق تنفيذها.