" وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر " (2).
وكان مما قاله الرسول (ص) داعيا به ربه في تلك المعارك:
" اللهم إن تهلك هذه العصابة، لن تعبد في الأرض " (3).
فهذه الحروب التي قادها المشركون بقيادة بني أمية. لم تكن حروبا سهلة. بل إنها كلفت المسلمين خسائر كثيرة في الأموال والأرواح. وكان الوحي يعايش هذه المحنة عن كثب. وكثيرا ما لعن وواعد بالنار مشركي قريش. ونزلت آيات كثيرة تبشرهم بعذاب أليم.
وكما كان لمعسكر الشرك رموزه وقياداته، فإن المعسكر الإسلامي تمثلت رموزه وقياداته في بني هاشم وعلى رأسهم الرسول (ص) وعلي (ع). تكرست تلك العداوة بين الفريقين بين أبي سفيان ووزراءه من دهاقنة الشرك، ونبي الله محمد (ص) ووزيره علي (ع) عداوة أشد ما تكون العداوة.
وكان الفتح بمثابة منعطف مهم في حياة الجماعة المسلمة. فالإسلام سوف يتحول من مستوى العصابة والجماعة الثائرة، إلى مستوى الدولة. والشرك سوف يتحول إلى عكس ذلك، من تجمع مركزي إلى حالة ضعيفة وفاشلة. وهذا التحول الكبير في تجربة المسلمين كان له أثران: أحدهما إيجابي تجلى في قوة الإسلام وشمول حاكميته. والثاني نتج عن دخول تلك الاخلاط في الإسلام بمن فيهم الطلقاء الذين عفا عنهم الرسول (ص) بعد أن أمر بقتلهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة.
إن الهزيمة العسكرية للشرك ليست كافية لتحسين إيمانهم، لقد انهزموا بعد أن نفذت كل حيلهم ومكايدهم لتحطيم الإسلام. وبعد أن نصبوا كل ما يملكون من حواجز، وأفرغوا كل ما في كنانتهم حتى الأهزع.
لقد دخل المشركون مرحلة جديدة من العمل وسلكوا استراتيجية الهدم من .